(أ) استنبات البذور معملياً

من المعروف أن النباتات الفطرية الصحراوية يمكنها التأقلم مع الظروف المناخية الصعبة في ظل نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة. من هنا، يُطرح السؤال حول كيفية استنبات نبات السَّمر (على سبيل المثال) لإعادة استزراعه واستخدامه مرة أخرى. لمعرفة الطرق المثلى لاستنبات نبات البذور، لابد من التطرق إلى العوامل المؤثرة على الإنبات، مثل التركيب التشريحي للبذرة، والكُمون ومعاملات البذور.

ظاهرة الكُمُون في البذور

يُقصد بها عدم إنبات البذرة الحية رغم توفر كل الظروف الخارجية المناسبة للإنبات، مثل وجود الماء ودرجات الحرارة والرطوبة المناسبة. وهنا نُؤكد أنه لا بد أن تكون البذرة سليمة من حيث الشكل الظاهري، وتتركب من غشاء خارجي يسمى القصرة، يحيط بالغشاء المغذي أو الفلقات حيث يوجد الجنين. ويتوقف الكُمُون على نوع النبات، والبيئة التي تنمو فيها، كذلك توقيت طرد البذور وسقوطها.

 

         

الكُمُون نتيجة القصرة السميكة

جَنين البذرة محاط داخليًا بالغشاء المغذي، وخارجيًا بغلاف سميك غير منفذ للماء، مما يجعل هذه البذور أكثر عُرضه لعدم النمو، أو تقليل فرص الإنبات، نتيجة لوجود الغشاء الخارجي الذي يُسمّى “القصرة”. وتسهم الأغشية غير المنفذة للماء في عرقلة عملية تبادل الغازات وتشرب المياه، وإعاقة توسع الجنين ونموه. لذا يجب على الباحثين- عند استنبات بذور السمر وما يشابهها – التغلب على وجود القصرة، والسماح للماء والغازات بدخول البذرة، وهذا يُسمّى معاملات البذور للسماح بالإنبات.

حساب نسبة الإنبات

يحتاج استنبات بذور النباتات الصحراوية إلى درجات حرارة تتراوح بين 27 و30 درجة مئوية، ومعدلات رطوبة تزيد عن 50%. لذا يُفضَّل استنبات البذور في غرف إنبات منضبطة درجات الحرارة والرطوبة، أو الزراعة داخل أنفاق بلاستيكية.

ويمكن حساب نسبة الإنبات بمعرفة عدد البذور التي أنبَتت- في فترة من الزمن – وقسمة هذا العدد على العدد الكلي للبذور الذي تم زراعته، ثم ضرب الناتج في الرقم 100 للحصول على النسبة.

نسبة الإنبات % = عدد البذور التي نبتت (في فترة من الزمن) / عدد البذور الكُلية (التي تم زراعتها في أول  100x

معاملات البذور قبل الإنبات

لبدء استنبات بذور النباتات الصحراوية، لابد من كسر كمون البذور أولاً، ثم الشروع في الزراعة والاستنبات. ومن هذه المعاملات التي تُستخدم لكسر كمون بذور السَمُر – ذات القصرة السميكة – نذكر ما يلي:

النَّقع في الماء

وهي تساعد البذور الصلبة ذات الأغشية غير المنفذة للماء على كسر كمون البذرة، بشرط أن تزيد مدة النقع عن 24 ساعة حيث يسمح ذلك بدخول الماء داخل الأغشية الداخلية بفعل خاصية التشرب. وفي حالة بذور نبات السمر، تُنقع البذور في الماء المغلي (عند درجة الغليان 100 درجة مئوية) ثم تترك البذور حتى تقل درجات الحرارة إلى درجة حرارة الغرفة لفترة زمنية من 24 إلى 48 ساعة لحين ملاحظة انتفاخ البذور، بعدها تزرع البذور إما في مادة الآجار أو في التربة مباشرة. وتساعد عملية نقع البذور في الماء العادي والمَغْلي على إنبات بذور السمر بنسبة تتراوح بين 16 % إلى 20 % على الترتيب.

غمس البذور في حمض الكبريتيك المُركّز

عند نقع البذور في حمض الكبريتيك المركز بتركيز 98% لمدة تتراوح من 10 إلى 15 ثانية مع التقليب، فإن ذلك يساعد على تآكل القصرة الخارجية الصلبة لبذور السّمر، بفعل الحمض المركز مما يساعد على ترقيقها. لكن نظراً لقصر الفترة الزمنية فإن التآكل يقتصر على الغشاء الخارجي للبذرة ولا يصل إلى الأغشية الداخلية، مما يُبقى على حيوية البذرة السليمة ولا يؤثر على قدرتها على الإنبات. كما يساعد الحمض المُركّز على تآكل أغشية الطبقة الخارجية مما يساعد البذرة على تشرب الماء والسماح للجنين بالتمدد والنمو. وبالتجربة العملية، يساعد غمس البذور في حمض الكبريتيك المركز ثم نقع البذور في الماء لمدة 24 ساعة على استبات بذور السمر بنسبة إنبات تصل إلى أكثر من 80%، وهي من أنفع الطرق لاستنبات بذور السمر الصحراوي.

الخدْش الميكانيكي للقصرة

هي إحدى الطرق المستخدمة لترقيق وتليين الغشاء السميك مما يزيد من نفاذية القصرة للماء، وتبادل الغازات. ويمكن عمل هذه الخدوش في القصرة باستخدام أوراق الصنفرة الرملية، حيث توضع البذور بين ورقتين من أوراق الصنفرة ثم نقوم بالاحتكاك. كما يمكن قص جزء من الغشاء الخارجي باستخدام آلة حادة مثل المقص، مع ضرورة تجنب المنطقة التي يوجد فيها الجنين وإلا فلن تَنبُت البذرة. وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحاً كبيراً حيث تزيد نسبة إنبات السمر في هذه الطريقة حتى 85%، حيث يُقص جُزء صغير من القصرة ثم تنقع البذور في الماء لمدة لا تزيد عن 24 ساعة. ويفضل تقليل فترة نقع البذور في الماء (من 6 – 12 ساعة) بعد قص القصْرة، حتى لا يؤثر ذلك سلباً على الأغشية الداخلية للبذرة.

التنضيد (الكَمْر البارد)

يقصد بها خلط البذور مع رمل صافٍ، ووضع الخليط بين طبقتين من الرمل في إناء. أحيانا يستخدم القطن بدلاً من الرمل، وبوضع البذور بين طبقتين من القطن، ثم يُحفظ هذا الإناء في الثلاجة عند درجة حرارة 4 درجة مئوية، ويُرش الخليط بالماء بصورة منتظمة لمدة تزيد عن شهر. هذه الطريقة تحتاجها معظم البذور الصحراوية حيث تَنبت معظم البذور في فصل الشتاء، وتحتاج إلى فترات طويلة من البرودة للإنبات. في هذه العملية، تتم محاكاة فترة الشتاء ذات الليل الطويل، لذا تحفظ البذور بعد خلطها بالرمال في الثلاجة ولا يُعرض الخليط للضوء إلا لفترات قصيرة لا تزيد عن 6 ساعات يومياً. وقد وُجد أن نسبة إنبات البذور بهذه العملية لا تتجاوز 15%، لذا يُنصح بتعريض البذور لفترات من البرودة، ثم تُتْبع باستخدام إحدى المعاملات الأخرى، مثل الخَدْش الميكانيكي للقصرة.

Map Image

Get In Touch

CLOSE